الأحد، 23 ماي 2010

* بحثا عن البداية


من كتابي " أن تكون مثليا *

في البدء كان هناك طفل صغير ، ضعيف البنية ، يحمل حقيبته على ظهره يذهب للمدرسة رفقة صديقين ، ولد وبنت ، كان صغيرا جدا ليفهم أي شيء . يوما وهو عائد من المدرسة رفقة صديقه عبر تلك الطريق الخالية المحفوفة بالأشجار ، قال صديقه : تعال نفعل مثلما رأيتهم يفعلون في التلفاز ، أجاب الطفل الصغير : ماذا نفعل ... ؟ قال الصديق : اخفض سروالك وافعل مثلي ... لكن هذا عيب ... لا تخف لن يرانا أحد هنا . لم يفهم الطفل الصغير معنى ذلك ، ربما عده مجرد شقاوة أو تشبها بالكبار ليس إلا ...
مرت الأيام والسنين ، أيام وسنين كانت صعبة ، بئيسة ، مليئة بجو يطغى عليه الخوف و الرعب من أب متسلط جبار إن دخل البيت يخيم صمت القبور ’ ذاك الجو المشحون بالرعب سيطبع وجدان وذاكرة الصبي الصغير وسيكون له ماله فيما بعد .. وكانت هناك الأم .. ذاك الجبل الصامد ، الذي يتحمل كل الضربات ولا يترنح ، تلك القديسة التي تحملت كل الآلام لوحدها من أجل أن تصل بصغارها لبر الأمان ، تلك الأم الآن يعترف لها الطفل الكبير بكل شيء . كانت تلك القديسة هي طوق النجاة الذي عبر من خلاله ذاك الطفل الصغير تلك الأيام العصيبة .. الطفل الصغير يكبر وشيء ما يكبر معه لكنه لا يدري ما هو ...
الطفل كبر وصار فتى ، يدرس في مرحلة الإعدادي ، فجأة ، لم يدري كيف ولم احتل ربيع كل تفكيره وسكن وجدانه ... ربيع ذاك الفتى الوسيم الهادئ زميله في الصف ، سيطر على كل أحاسيسه ومشاعره يحلم به في يقظته ونومه ، وينتظر حصة التربية البدنية بفارغ الصبر حتى يختلس اليه النظرات وهو يبدل ملابسه ويتأمله وهو بلباس الرياضة ، ويعمل جاهدا لكي يكون معه في نفس الفريق الذي يشكله المدرب فهو لا يستطيع أن يلعب ضده أبدا ، يوما في أحد الحصص كان إلى جانب ربيع في فريق كرة القدم و سجل هدفا ، فاندفع ربيع نحوه فرحا عانقه وقبله ، ولأول مرة يعرف ويكتشف ذاك الإحساس ذاك الشعور الغريب الذي لا يمكن وصفه .. كل ذلك زاد من هيامه وعشقه لربيع ، لكنه كان عشقا من جانب واحد ... ومرت أيام ربيع .. لكن الغريب أن ذكراه لا تقبل المحو أو الاندثار ، ربما لأنها الأولى في الغرام .. غرام محرم ...