الأربعاء، 9 يونيو 2010

زخات حـبـر (2)



وجع الذاكرة
نسيت أن أحضر معي كتابا .. ابتعت جريدة لكنها لن تكفيني ، فجلستي سوف تطول ولن تكفيني الجريدة .. وأحتاج كذلك ورقة وقلم ، قصدت مكتبة .. ابتعت ورقة وقلما مسحت بعيني عناوين الكتب هناك لم أجد ما يثيرني ، رأسي يوجعني من الصداع و أريد أن أجلس حتى يهدأ قليلا هذا الوجع ... التقطت عيناي " وجع الذاكرة " كتاب من إصدارات مجلة العربي وهو إصدار خاص بمناسبة القدس عاصمة للثقافة العربية أخذته ، أول تصفحي له تطالعني قصيدة " سنرجع يوما " للشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد .. وأكتشف أن الكتاب لصاحبته سعدية مفرح هو عبارة عن ربرتوار لأهم شعراء فلسطين من إبراهيم طوقان ومحمود درويش وسميح القاسم وفدوى طوقان وأحد عشر شاعرا آخر ، هؤلاء الذين حملوا هموم بلدهم وأوصلوها للعالم عبر الكلمة ومنهم عبر الكلمة والبندقية .

بيتزا روايال
وحدي في نفس كرسيي المألوف ، الذي آلفني وآلفته ، لا أحد غيري إلا شاب في ركن أقصى اليسار ، وأنا كعادتي أقصى اليمين .. وهذا الصداع اللعين لا يريد أن يتركني أستمتع بهدوء المكان والموسيقى الاسبانية الجميلة ... أشعر بالجوع وأنتظر النادل كي أطلب منه أكلتي المفضلة " بيتزا روايال " لكنه لا يريد الصعود ، وأنا كسلان لا أريد النهوض من مكاني ... أسرح عبر الزجاج الشفاف ببصري هنا وهناك .. أمامي البحر ، يبدو هادئا وصافيا ، أناس يسبحون ، أطفال يلعبون في كل مكان ، و الكورنيش لا يخلو من المارة ، رجال وأطفال ونساء ... وشباب وسمون متأنقون وبعضهم عراة الصدور كانوا يسبحون أو ذاهبون للسباحة .. وأنا جائع ... أنتظر النادل وأنتظر البيتزا روايال .


النادل
هذا الشاب الوسيم .. اسمه مصطفى حسب ما هو مكتوب في الورقة أمامي .. يبدو لطيفا وخدوما للغاية ، الابتسامة لا تفارق ثغره ، لا أدري هل أنا مصيب في هذا الأمر أم أنه مجرد أوهام في راسي .. ألاحظ أنه أكثر لطفا وودا في تعامله معي ، بعد أن صار يعرفني من ترددي على المكان باستمرار ، دائما يستقبلني بترحاب كبير .. اليوم اصطحبني حتى مكان جلوسي .. أخذ القائمة من على الطاولة ، نظر إلي باسما قائلا : عصير البرتقال كالعادة ..؟ أجبت مبتسما بدوري : نعم وقنينة ماء صغيرة من فضلك .. رد : في الحال ، استمتع بوقتك ... نظراته تحيرني لا أستطيع فهمها أو تصنيفها ، هو ليس من أولائك النوادل الفضوليين .. يبدو خجولا لا يتكلم كثيرا عدا عبارات الترحيب و المجاملة ... وتلك النظرات . طلبت بيتزا ، أحضرها لي .. لا حظت أن البيتزا لا تحتوي على زيتون وأنا أحب الزيتون كثيرا ..قلت له : لم يضيفوا لها الزيتون ، نظر إليها متمعنا وقال : صحيح .. حسنا ثواني سوف أغيرها لك . وهم بأخذها فأمسكته من يده وقلت باسما : لا ..لا داعي الأمر لا يستحق . أحسست به اضطرب لما لمسته و انعكس اضطرابه علي فشعرت بقليل من الخجل من فعلتي الغير الإرادية تلك ...

قبلة
جلست على الطاولة جواري ... فتاة جميلة ، بشرتها بيضاء صافية لا تشوبها شائبة ، تقاسيم وجهها رقيقة ووديعة ، تبدو رصينة وهادئة .. بدأت تتكلم في هاتفها المحمول كانت تكلم أحدا ما وتسأله أين وصل ، خمنت أنه صديقها . كنت منهمكا في الكتابة وبين الفينة والأخرى أنظر إليها و هي الأخرى كانت تسترق النظر إلي وأنا أكتب . وبينما أنا كذلك لمحت شابا تقدم نحوها من الخلف بهدوء ووضع يديه على عينيها وهو يبتسم .. هي لم ترتبك يبدو أنها كانت تتوقع تصرفه ابتسمت وقالت له معاتبة : أخيرا وصلت . فانحنى نحوها وطبع على خدها قبلة مسموعة غير عابئ بمن حوله .. صراحة أعجبني هذا التصرف ، فأنا كنت ولا أزال من أنصار الحب والتعبير عنه بهذه الطرق الراقية من دون ابتذال .. وكذلك جواب الفتاة عندما سألها الشاب عن كيفية تعرفها عليه ، أعجبني كثيرا ، فقد ردت عليه قائلة " لقد شممت عطرك " ... كم هو جميل الحب يجعلك تتعرف على من تحب من خلال عطره .