الأحد، 12 دجنبر 2010

مـفترق الطـرق



* أجدني بعد كل عودة ملزما على تقديم الاعتذار لقراء مدونتي المتواضعة على الطول فترة الغياب بسبب ظروف العمل القاهرة التي لا تدع لي مجال التواصل معكم احبتي عبر هذه النافذة ، و أخص بالذكر صديقي العزيز أمجد و أنا أعرف أنه عاتب علي ، فالمعذرة مجددا

مفترق الطرق

في حياة كل إنسان مثلي عربي مفترق طرق يصل إليه في مرحلة من مراحل حياته ، هذا المفترق هو المكان حيث تتقاطع الجادة الاجتماعية ( الزواج ، تكوين الأسرة ) مع الدروب الداخلية الخاصة و السرية في أغلب الأحيان . ففي مرحلة معينة من حياة أي منا تبدأ تلك التساؤلات العائلية من قبيل – متى ستتزوج ..؟ ألم تجد عروسا بعد ...؟ صديقك فلان تزوج ولديه عدة أبناء ... إلى غير ذلك من مثل هذه الأسئلة، هنا يلجأ كل واحد منا إلى خلق أعذار ومبررات للهروب من الإجابة ، ربما هناك فئة قليلة جدا تصرح بالحقيقة عند محاصرتها بهذه الاستفسارات ، لكن الأغلبية الساحقة تلجأ إلى التمثيل و التمويه عبر خلق الأعذار المختلفة . ويكون العامل المادي هو الحاسم في أغلب الأحيان ، حيث يكفي أن تقول بأنك لم تكون نفسك بعد و تحتاج الوقت حتى تستطيع توفير الظروف المادية لتقدم على خطوة خطيرة كالزواج فيكف الأهل عن الإلحاح لكن ليس لوقت طويل . و هناك فئة أخرى و التي يكون منتف لديها هذا العذر هنا يجد المثلي نفسه محاصرا و يضطر في الأخير لقبول الضغوطات و الاستسلام للأمر الواقع ، و يلجأ إلى الزواج رغما عن إرادته فقط لإرضاء الأهل و تجنب نظرة الريبة و الشك التي يصبح الجميع ينظر بها إليه . ففي مجتمعنا شاب تخطى الثلاثين من عمره ولم يتزوج مسألة غير مقبولة تطرح عدة استفهامات و تخلق الكثير من التساؤلات .
من خلال حديثي مع كثير من المثليين المتزوجين وجدتهم غير راضين على الوضعية التي أصبحوا عليها ، بل يمكن أن أقول أن أغلبهم ندم على إقدامه على تلك الخطوة ولو قدر له أن يرجع به الزمن فلن يقدم على تلك الخطوة أبدا .

أحمد متزوج يعمل موظفا حكوميا و لديه ابنة صغيرة ، قال لي : إن الشيء الوحيد الذي يعزيني في هذه الحياة و يخفف عني هو ابنتي الصغيرة ومن أجلها أتحمل كل شيء . و عن علاقته بزوجته يقول : ما يطبع علاقتنا هو البرود ، نمارس الجنس على فترات متباعدة ، جنس بارد حركات ميكانيكية لا غير . و يضيف : زوجتي في بادئ الأمر كانت تتساءل عن السبب و نصحتني بزيارة طبيب لكن مع الوقت قطعت الرجاء و قبلت بالأمر الواقع مرغمة ، كل هذا يحز في نفسي و يؤلمني ، أحس أنني أذنب في حقها ولا أعطيها حقها من المشاعر و المتعة ... أحاول أن أعوض عليها بالهدايا و المال لكن ذلك لا ينفع . يضيف متأثرا : هذه قسمتي فيما أملك .. ولا يجب مؤاخذتي فيما لا أملك .
محسن شاب متزوج حديثا يعمل في احدى الشركات الخاصة ، يحافظ على مظهره الجذاب ، أسرته فرضت عليه الزواج فرضا من إحدى بنات العائلة ، في حديث معه صرح لي ، بأنه رغم زواجه منذ حوالي السنة لا زال يخرج مع الفتيان و يمارس معهم الجنس حيث يكتري شقة لهذا الغرض و في الغالب يلجأ إلى وسيط يأتيه بالفتيان مقابل المال . و عندما سألته ألا يعتبر هذا خيانة لزوجته وقد صارت الآن مسئولة منه ولها عليه حقوق ؟.. أجابني بلا مبالاة : هذا ذنبها هي ، لم قبلت الزواج بي و هي تعلم أني لا أرغب بها ، إذن عليها أن تتحمل نتيجة اختيارها .

صفاء شابة مثلية كانت على علاقة بإحدى صديقاتها في الدراسة تقول : في مجتمعاتنا العربية الإسلامية العلاقات الحميمة بين البنات لا تثير الشبهة على عكس العلاقات بين الذكور . تحكي : كنت على علاقة بصديقتي منذ كنا ندرس بالباكالوريا سويا ، كنا نخرج سويا نراجع دروسنا معا و كثيرا ما كانت تبيت عندي أو أبيت عندها في منزلها ولم يشك أحد في علاقتنا مطلقا ، و استمر الأمر كذلك حتى أيام الجامعة . صفاء وقبل أن تتخرج من الجامعة و جدت نفسها محاصرة ، تقدم كثير من الشبان لخطبتها لكنها كانت ترفض بحجة أنها ما زالت تدرس ولا تفكر بالزواج حاليا ، و في سنتها الأخيرة في الجامعة تقدم شاب مقرب من العائلة لخطبتها لم تنفعها كل مبرراتها بعد أن اقترح الأخير إجراء الخطوبة و انتظار نهاية السنة لعقد القران فقبلت مرغمة و تزوجت به في الأخير . تحكي صفاء عن حياتها بعد الزواج : أحسست كأني كبش فداء ، قربان تمت التضحية به. صديقتي آثرت الابتعاد لكي لا تسبب لي أية مشاكل في حياتي الزوجية و سافرت إلى مدينة أخرى ، أما أنا حياتي استحالت إلى جحيم ، كلما اقترب زوجي مني لمضاجعتي أتوتر- لا أستطيع منعه - لكني أسلم له جسدي و أستحيل إلى لوح من الجليد قطعة خشب ، هذا كان يغضبه و يثير جنونه و كثيرا ما كان يعنفني و يسبني . لكن الأمر بقي على هذه الحال حتى اكتشف يوما أني أستعمل أدوية لمنع الحمل ن ثارت ثائرته و صب جام غضبه علي أشبعني رفسا وصفعا و في النهاية سألني وهو منهار : لماذا .. لماذا تفعلين هذا بي .. فما كان إلا أن أجبته باكية : لا أستطيع تحمل أن يقترب أي رجل مني . في النهاية انفصلت صفاء عن زوجها و ذهبت باحثة عن صديقتها القديمة .

خوان كهل اسباني في أوسط الخمسينيات من عمره لا أذكر كيف تعرفت عليه أول مرة – ربما في إحدى غرف الدردشة – اتصل بي يوما شخصا يتكلم الاسبانية و أخبرني أن اسمه خوان و قد سبق و تعارفنا من قبل و أعطيته رقم هاتفي ، وهو يريد مقابلتي إذا أمكن اليوم ، لم أستطع رؤيته ذلك اليوم لأنني كنت مشغولا و أعطيته موعدا في اليوم الموالي ، عندما التقيته في الغد فوجئت .. و جدتني أمام رجل في الخمسينيات من عمره . في الحقيقة خوان كان يبحث عن شيء معين لكني أخبرته بلباقة أنني مرتبط و حتى ولو لم أكن كذلك فأنا لا أحب ربط علاقات مع أناس يكبرونني سنا . بعد ذلك تحدثنا ، خوان كان دائما يميل إلى الرجال رغم ذلك تزوج بامرأة و عندما سألته لماذا تزوج و هو يعلم أنه لا يميل و لا يحبذ النساء أجابني : أردت أن أجرب ..في مرحلة من حياتي أردت أن أستقر أردت من يهتم بي من يغسل ملابسي و يحضر لي الطعام و غير ذلك ..وهذا لا نجده في العلاقات بين المثليين و خصوصا في المجتمعات الغربية . رغم ذلك سوف ينفصل خوان عن زوجته ، فكما قال لم يعد يتحمل التمثيل و الزيف الذي كان يعيش فيه لذا قرر الانفصال و عيش حياته بطولها وعرضها حيث بدأ التجوال و السفر بين البلدان باحثا عن المتعة .

هذه نماذج لأناس من مختلف المشارب و الافاق القاسم المشترك بينهم ، انهم قبلوا الدخول في مغامرة الزواج كل حسب ظروفه و النتيجة كانت كما رأيتم ... و يبقى أن كل واحد منا سوف يصل يوما
بدوره الى مفترق الطرق هذا ... فكيف سيتصرف ... ؟ .