الأحد، 15 فبراير 2009

المثلية والجنس...وجهة نظر شخصية...


يعتبر الجنس من الحاجيات الضرورية للإنسان في حياته , ويقدر الخبراء السوسيولوجين والنفسانيين أن الإنسان العادي يحتاج إلى ممارسة الجنس مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع . إلا أن الحديث عن الجنس في مجتمعاتنا يثير العديد من ردود الأفعال , فإذا كانت بعض المجتمعات أصبحت تنظر لمسألة الحديث في الجنس كأمر عادي لا يثير أدنى ردة فعل بل يمكن التطرق إلى الموضوع كأي موضوع اجتماعي آخر , فان بعض المجتمعات الأخرى وخصوصا مجتمعاتنا العربية والإسلامية , لا زالت تدرج الحديث عن الجنس ضمن ما يسمى بالطابوهات أي الأمور المسكوت عنها والغير المحبذ تناولها في العلن . الأمر راجع بالأساس إلى منظومة من التقاليد والأعراف الاجتماعية التي تحرم الحديث في كل ما يمكنه أن يهيج الغريزة الجنسية لدى الإنسان , وهي بذالك تحاول الارتكاز على منهيات ومحرمات دينية والتي تعتبر الحديث في الجنس من سفاسف الأمور ولغو القول وفحش الكلام , وهي نظرة قاصرة عن إدراك الحقيقة الدينية ذاتها. والتي جوهرها تقصي المصلحة ومعروف في الفقه مبدأ جلب المنافع وذرء المفاسد . وليس كل كلام في الجنس هو فحش ولغو , بل منه ما يهدف إلى التوعية والإفادة وبذالك يكون جلبا للمنفعة .

ويصبح الأمر صعبا وصداميا للغاية إذا انتقلنا للحديث عن الجنس في العلاقات المثلية , فالمثلية ولحد الآن ما زالت مرفوضة في جل المجتمعات باستثناء القليل من المجتمعات الغربية التي بدأت تقبل بالمثلية كأمر واقع وتتعامل معه , ولم يتسنى هذا إلا بعد نضال طويل ومرير من أنصار المثلية خلال النصف الثاني من القرن العشرين . أما في مجتمعاتنا العربية الإسلامية فان مجرد الإشارة إلى المثلية يكون كفيلا بخلق زوابع من ردود الفعل المستنكرة و الرافضة بشكل مطلق حتى مجرد الحديث عن شيء اسمه المثلية. فما بالك القبول بها أو التعامل معها , وترفع مباشرة الأحكام الدينية التي تحرم بشدة كل علاقة بين نفس الجنس وتربط المثلية مباشرة بالجنس والفاحشة والفسق والفجور وما يطلق عليه في الفقه باللواط و السحاق . فالمثلية مختزلة في نظرة المجتمع في الجنس ولا شيء غير ذالك ...وهي نظرة قاصرة طبعا عن إدراك حقيقة الموضوع , فإذا كانت المثلية موجودة بوجود الإنسان وبالتالي هي موجودة في المجتمع منذ القدم .إلا أنها كانت تعتبر من الانحرافات المجتمعية ومن الحالات الشاذة ومن هنا جاءت تسمية الشذوذ الجنسي , ودائما كانت الأعراف والتقاليد المجتمعية تحاصرها وتدفعها إلى الخفاء في شبه تواطؤ ضمني. وتجعل الحديث عنها علنا من الطابوهات و المحرمات , هذه النظرة انعكست على الأشخاص المثليين أنفسهم الذين قبلوا أن يعيشوا على الهامش متخفين وخائفين من نظرة وأحكام المجتمع وفي أحيان كثيرة راضخين ومستسلمين للحيف والظلم والاستغلال والاعتداء كذالك . كل هذا دفع إلى أن تكون العلاقات بين المثليين مقتصرة على إشباع الرغبات الجنسية المكبوتة في أغلب الأحيان , ما زاد في ترسيخ فكرة ارتباط المثلية بالجنس مطلقا لدى المغايرين والمثليين أنفسهم . الأمر هنا يطول ويتشعب كثيرا إلا أنني أريد أن أطرح فكرتي الخاصة في الموضوع انطلاقا من تجربتي وقناعاتي الشخصية , وهو رأي طبعا لا ألزم به أحد .

كما أشرت سالفا فان الجنس شيء مهم وضروري في الحياة الإنسانية. إلا أنه في العلاقات المثلية و التي تعرف بعدم استقرارها وتقلبها الدائم يجب أن نركز على العواطف والأحاسيس الصادقة والنابعة من انجذاب كل طرف نحو الآخر لتحقيق التكامل المطلوب. ولا يجب أن يكون ذالك إلا بعد مدة كافية من التعارف والتحاور لفهم كل واحد الآخر بشكل جيد لتجاوز مرحلة الانبهار أو الإعجاب الظرفي الذي يحصل في مرحلة التعارف الأولى, و لذا يجب أن نعطي لأنفسنا كل الوقت الكافي في أي محاولة منا لبناء علاقة مستمرة ودائمة وأن يكون الحوار والصراحة هما الأساس والمنطلق لتكون الأمور واضحة وجلية من البداية , وذالك بأن يتحدث كل طرف عن أفكاره ونظرته للمثلية وكذالك عن تصوره لشريك حياته الذي يحلم بالارتباط به والمواصفات التي يحب أن تتوفر فيه . ومن المواضيع المهمة والحساسة التي يجب التطرق إليها مسألة الجنس , فكما هو معلوم بخصوص الممارسة الجنسية عند المثليين هناك طرف سالب وطرف موجب وكذالك هناك من يكون موجبا وسالبا في نفس الوقت . لهذا يجب الحسم في المسألة من البداية حتى يكون كل طرف على بينة من الأمر بخصوص الرغبات والممارسة الجنسية للطرف الآخر. وهناك نوع آخر من المثليين لا يحتل الجنس عندهم الأولوية أو لنقل أنهم يعطون المشاعر وأحاسيس الحب الأولوية في العلاقة و التي تكون مبنية على الحب والود وكثير من الرومانسية والمثالية كذالك , وأحيانا كثيرة يكتفون بذالك لذا تجد الممارسة الجنسية عندهم قليلة وسطحية أي ليست ممارسة من الدرجة الأولى .
شخصيا أميل إلى النوع الأخير من العلاقة التي تنسجم وطبعي الهادئ و الرومانسي إلى أبعد الحدود – لا أدري إن كان هذا تميز أو عيب- خلال تجاربي القليلة والمحدودة – أقصد الجنسية منها - كنت دائما ولا زلت أبحث عن شريك بنفس الأفكار والآراء التي أومن بها . لكن لحد الآن بدون جدوى , تعرفت على الكثير من المثليين . أغلبهم إن لم أقل كلهم عبر الانترنيت و التقيت الكثير منهم مباشرة لكن بعد لقاءين أو ثلاثة أكتشف أنه ليس الشخص الذي أبحث عنه , بعضهم سطحي وتافه...و البعض الآخر لا يزال متخبطا لا يعرف ما يريد...والأغلب لا يبحث إلا عن المتعة الآنية والممارسة العابرة , لا أنكر أنني سقطت مع بعضهم وانجررت إلى الممارسة الجنسية لكن ذالك كان رغما عني, فأنا إنسان على أي حال وليست ملاكا, في بعض الأحيان يكون من المستحيل مقاومة ضغط رغبات ومتطلبات الجسد . والجيد في الأمر أن ذالك لم يحصل كثيرا ربما لمرات محدودة لا تتعدى أصابع اليد العشرة كثير لا يصدق هذا لكن هذه هي الحقيقة.


ما أعتقده وأومن به أن الجنس في العلاقة المثلية يجب أن لا يكون هو الهدف في حد ذاته بل أن تكون العلاقة قائمة على الحب والاحترام و التقدير المتبادل لكي يكتب لها الاستمرار و السير بعيدا , والجنس يأتي بعد ذالك .

هناك 15 تعليقًا:

ٍSuper Jeddawi يقول...

قرأت موضوعك مرتين

حاولت اني افهم كلامك واكون متأكد اني فهمت

عجبتني عندما ذكرت ان الدين يقيد المثلية, بدون ايضاح وجهة نظرك يعني انت توافق على تقييد الدين او ترفضه

الجنس ليس غاية ابدا

سواء مغاير او مثلي

الجنس اعتقد انه صورة من صور الحب والمشاركة

ان تسلم شريكك اغلى ماتملكه

روحك وجسدك

بالنسبة لي : اعتقد ان الممارسة كبيرة من الكبائر

لكن كل انسان لديه احتياجات ملحة

قد امارس وقد لا امارس

الامر منوط بمن امارس معه

هل يستحق المخاطرة بروحي وسمعتي

هل وصل من الحب في قلبي بمكان أن ارتكب الكبيرة معه ؟

حتى الان لم اجد من يستحق سوى شخص واحد

لكن أبت الظروف إلا ان نفترق

تحياتي

كريم زياد يقول...

مرحبا ألكس

يا صديقي جميع الأحكام الدينية في جميع الديانات لا تقيد المثلية بل تحرمها... لكن السؤال هو : هل هذه الأحكام صحيحة خصوصا وأنها مستنبطة من طرف البشر أنفسهم... أما بخصوص رأيي في الموضوع فقد وضحت ذالك في أحد الادراجات يمكنك الرجوع اليه وهو بعنوان : المثلية والدين وجهة نظر شخصية
لكني صديقي لم أفهم نقطة في تعليقك , فأنت تقول ان الجنس هو صورة من صور الحب والمشاركة. وتعود وتقول أن الممارسة كبيرة من الكبائر ...
يا صديقي اننا حينما نحب لا نرتكب كبيرة ولا صغيرة اننا بكل بساطة نعيش ونحيا ونتقرب الى الله ...أليس الله هو الحب الأسمى ...؟ ألم تقرأ يوما قصائد جلال الدين الرومي ...
صديقي أتمنى أن تجد الشخص الدي يملأ عليك حياتك وترتكب معه جريمة الحب فان كان الحب جريمة فما أحلاها من جريمة ...
تحياتي ...

عصفور يقول...

أخي كريم..
موضوع قيم
وطرح جميل كعادة كلماتك تأتي في مواضعها..
عزيزي كل ما تطرقت له صحيح
لكننا للأسف نقيم في مجتمع امتلأ بشواذ المثليين..
أي أن هناك الكثير من المثليين شذو..
فصار هدفهم الأهم هو الجنس
لم يعد يعني لهم الحب واشباع الجانب العاطفي اي شيء
فما يهمهم هوة شهواتهم..
على العموم أتمنى أن تجد الشخص الذي تبحث عنه عما قريب..
تحياتي لك كريم

كريم زياد يقول...

مرحبا عزيزي عصفور شكرا لمرورك
لقد حاولت دخول مدونتك لكن يبدو أنني غير مدعو ... المهم
معك حق صديقي فيما قلته كثير من المثليين يقدمون نظرة سيئة عن المثليية بتصرفاتهم وأفعالهم مما يزيد من تطرف المجتمع في أحكامه ونظرته السلبية تجاه المثليين
تحياتي صديقي

Gay by Nature يقول...

كل عام وانت بخير يا احلى مدونة مثلية

اختلف معك بان جميع الاديان تحرف المثلية فالبودية مثلا تسمح بالمثلية والهندوسية ايضا

عاينا كمثليين ان نفهم ان الجنس ياتي اولا ثم الجب على عكس المغايرين

وهاد شئ طبيعي حسب قول علماء النفس كون العلاقة تكون بين رجلين لا رجل و امراة

كريم زياد يقول...

مرحبا صديقي مثلي بالفطرة شكرا لمرورك

صديقي عندما تحدثت عن الأديان كنت أقصد
المسيحية واليهودية والاسلام لأنها الديانات السماوية المعروفة ...
أما بخصوص الجنس عند المثليين فلا أعتقد أن كل المثليين يفكرون بهذه الطريقة هناك من يهتم كذالك بالحب والعواطف قبل التفكير في الجنس ...
على العموم شكرا صديقي لمرورك الطيب
تحياتي ...

غريب يقول...

موضوع جميل وقد قمت بارسال رابطه لاحد اصدقائي المغايريين لاني مرات اجد عنده تفهم لكن مرات كثيرة انصدم بما يقول على الملاء في حين في جلسات خاصة يتكلم بحرية اكثر اعتقد انه يخجل من معرفتو بالمثلية وان كنت احس انه مثلي من طريقته وارائه

لك الشكر

بوصالح يقول...

لا تحرموني من الدعم المعنوي و زوروا مدونتي
غنیت عن الکواعب بالغلام
وعن شرب المروق بالمدام
عشقت لشقوتی رشا ربیبا
رخیم الدل مجنوح الکلام
و هذا النعت لا نعتی فتاه
اشبهها لجهلی بالغلام
اتجعل من تحیض بکل شهر
وینبح جروها فی کل عام
کمن القاه فی سرا و جهرا
واطمع منه فی رد السلام

badremila يقول...

أقول لك انك محق لم تقل شيئا جديدا صحيح ان هناك من يبحثون سوى عن الجنس لا يهمهم التوافق الفكري أو العاطفي انا مثلك أستسلمت و فكرت انني لو رضيت بالذل و الهوان و تقبلت امري على انني أنسان غير طبيعي و انني أرخص البشر سوف أرتاح لكن بالعكس تعبت و لم أستطع ان أسلم جسدي و عقلي لشخص لا احبه فكنت عجيبة من العجائب وسط الناس و بالخصوص الشاذين
اين كنتم من قبل لو قٍات هاته الكلمات لما سمحت لنفسي بالإنحدار و الإنحطاط لمستو ى الدعارة و الداعرين
لكن ما حصل قد حصل و قد دمرت ماضي و كل أمل جيد لي في المستقبل

كريم زياد يقول...

مرحبا صديقي غريب شكرا لحضورك وللتعليق

أما بخصوص صديقك الذي تشك في كونه مثليا فحاول أن تستفسره عن الأمر بكل بساطة وحاول أن تفهمه بأنه ليس عيبا أو عارا أن يكون الانسان مثليا

تحياتي لك

كريم زياد يقول...

صديقي بو صالح شكرا لمرورك واهتمامك

كريم زياد يقول...

شكرا لمرورك صديقي بدر

لا تفقد الأمل صديقي وما زال أمامك كل
الوقت ... فالخيار خيارك في البداية والنهاية وأنت الأدرى بمصلحتك ...

تحياتي

غير معرف يقول...

kikou!
bah un article très intéressant ! j'ajoute à ce que tu viens de citer cher bloggeur, c'est que même pour concrétisation de l'amour, il faut une condition très importante dans la vie d'un couple soit homo ou hétéro, c'est que auprès de l'honêteté, il faut un échange mutuel de concessions entre les 2 personnes!

مؤرق يقول...

السلام عليكم اخي كريم انا اقول بان هناك فرقا بين المثليين والمثلاويين هناك فئة من الشباب همها الجنس والجنس فقط لاتعرف في دردشتها مع الاسف الا هل انت سلبي او ايجابي كانك في سوق لتجارة الدكور انا اقترح حتى في غرف الدردشة ان يقتر ح موضوع للدردشة كل يوم من المواضيعالتي تؤرق المثليين اما تلك الاحاديث الخاصة فيمكن ان تتبادل في العناوين الخاصة ودلك بعد التاكد الحقيقي من حصول نوع من التوافق بين بعض الاطراف اخي كريم كنت اود ان اشارك في المنتدى ولكن دائما افشل في التسجيل عنواني hamadsi@msn.comوشكرا من الاعماق

مثلي مغربي...عاشق المدونين يقول...

اخي كريم..
قرات مقالك هذا في بداياتي الاولى في التدوين..و استاثر انتباهي كثيرا..على فكرة كل كتاباتك مميزة و تنم عن و عي و ثقافة كبيرتين و قولي هذا بشهادة الجميع..لكني عدت له اليوم في اطار استعدادي لنشر دراسات فكرية متواضعةوالتي اخترت لها كعنوان (نقد ذاتي)حيث ساسعى من خلالها القيام بتحليل لواقع المثليين و ما..لن ادخل في نقاش و ساترك البقية الى حدود نشرهذه الدراسات بمدونتي..
بعيدا عن هذا ...انا معجب بك كثيرا خويا كريم و اتمنى ان تعود للكتابة قريبا و تنعش عشاقك بحضورك البديع على فكرة لقد لعبت مدونتك الدور الهام في تسميتي لمدونتي بمثلي...عاشق المدونين. و الله لي عالم
اتمنا ان نصبح اصدقاء و لم لا تزورني في الجديدة و ازورك بتطوان...
اتمنى ان تزور مدونتي المتواضعة و تعلق عليها بكلماتك الساحرة.
عاشق مدونتك.